recent
الاخبار العاجلة

تحذيرات.. "الضـ ـربات وشيكة" العراق على قائمة أهـ ـداف تل أبيب.. هل تكرّر إسرائـ ـيل سيناريو الدوحة في بغداد؟ - عاجل

 







أعادت الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات من حركة حماس في قلب العاصمة القطرية الدوحة فتح ملفات قديمة في العراق، تتعلق بالهجمات التي طالت أراضيه خلال السنوات الماضية. فمنذ 2019، حين شُنّت سلسلة غارات استهدفت مخازن أسلحة ومقرات لفصائل في الحشد الشعبي في بغداد وصلاح الدين والأنبار، بقي السؤال مطروحًا حول قدرة العراق على حماية أجوائه وسيادته.

هذه الهجمات التي نُفذت بطائرات مسيّرة وأسلحة دقيقة، والتي لم تعلن إسرائيل رسميًا مسؤوليتها عنها لكنها لم تُخفِ دلالاتها، مهّدت لمرحلة جديدة من التهديدات العابرة للحدود. ومع تطورات الدوحة الأخيرة، تتصاعد المخاوف من انتقال السيناريو نفسه إلى الداخل العراقي مرة أخرى. وفي هذا السياق، جاءت تصريحات برلمانية وتحليلات لخبراء استراتيجيين لتؤكد أن احتمالية تكرار هذه الاعتداءات في العراق تبقى واردة للغاية.

عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إسكندر وتوت أوضح  أن "توجيه الكيان الصهيوني ضربات ضد العراق مشابهة لما حصل في الدوحة أمر وارد". هذا التصريح لم يأتِ من فراغ، بل جاء في ضوء "التصعيد المتزايد في المنطقة والتطورات الأخيرة التي شهدناها من ضربات دقيقة استهدفت شخصيات وقيادات على الأراضي القطرية". المحصلة، بحسب محللين، أن العراق ليس خارج دائرة الخطر، خاصة مع "استمرار النشاط الاستخباري الأجنبي وتوظيف الطائرات المسيّرة والتكنولوجيا المتقدمة" كما أشار وتوت، وهو توصيف يستند إلى سجل سابق من الاستهدافات التي طالت قيادات بارزة داخل الأراضي العراقية، بما في ذلك الحشد الشعبي.

وهنا يتقاطع ما ذهب إليه وتوت مع ما أوضحه الخبير الأمني أحمد التميمي ، حين أكد أن "الاحتلال لم يكن ليتمكن من تنفيذ عمليات اغتيال لقادة حركة حماس في قلب الدوحة لولا حصوله على ضوء أخضر مباشر من البيت الأبيض". هذا التوصيف، وفق مختصين، يعزز القناعة بأن أي استهداف مشابه قد يطاول بغداد في ظل غياب ردع جوي متكامل، وأن العراق قد يجد نفسه أمام تهديد مشابه إذا توافرت الظروف ذاتها.

ولم يكتف وتوت بالتحذير، بل شدد على أن "الخطر حقيقي ومتجدد يستدعي إعادة تقييم الوضع الأمني والاحترازي في الداخل العراقي". هنا دعا إلى "إعادة بناء منظومة الدفاع الجوي الوطنية بما يتلاءم مع حجم التهديدات المتوقعة، ورفدها بتقنيات متطورة قادرة على رصد واعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ الذكية". هذا الطرح يقترب من قراءة الخبير في الشؤون الاستراتيجية عباس الجبوري، الذي أكد  أن "العراق يواجه تحديات كبيرة في صد أي هجوم جوي إسرائيلي محتمل، خاصة في ظل غياب منظومة دفاع جوي متكاملة ومتطورة". هذه الملاحظة تعكس مشكلة مزمنة منذ 2003، إذ لا تزال قدرات الدفاع الجوي محدودة، وبعض المناطق الحيوية مكشوفة أمام أي اختراق جوي متقدم. محللون يرون أن استمرار هذا النقص يشكل فجوة استراتيجية تستغلها إسرائيل عند الحاجة.

في جانب آخر من التهديد، ركز الجبوري على وضع الحشد الشعبي، مشيرًا إلى أن "القيادات الميدانية والسياسية أصبحت أهدافًا معلنة في ظل التصعيد الإقليمي". واستند في ذلك إلى أن "العديد من الاستهدافات التي طالت قيادات الحشد في السنوات الأخيرة، تمت بأسلحة دقيقة وعلى مراحل طويلة من الرصد". هذه التجربة تكشف أن الاستهدافات لا تعتمد فقط على القدرة الجوية، بل أيضًا على ثغرات أمنية تتعلق بـ"أمن الاتصالات والحركة". هنا يرى مختصون أن معالجة هذه الثغرات لا تقل أهمية عن تعزيز الدفاعات الجوية، لأن القيادة تبقى مكشوفة إذا استمرت أنماط الحركة الروتينية وضعف الرقابة على المعلومات.

وتوت دعا إلى "تفعيل العمل الاستخباري الوقائي وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية على تتبع التحركات المريبة"، فيما قدّم الجبوري حزمة من الإجراءات التفصيلية لتقليل الخطر، من بينها "منع استخدام الأجهزة الذكية في المواقع الحساسة، وتشفير الاتصالات بشكل دائم، إلى جانب تنقلات غير نمطية للقيادات وتغيير أماكن الاجتماعات بشكل مستمر". هذه الإجراءات، وإن بدت تقنية، إلا أنها تكشف أن طبيعة الصراع الحالي تفرض العمل على جبهتين: جبهة الدفاع الجوي التقليدي، وجبهة الأمن السيبراني والمعلوماتي.

التميمي بدوره أضاف بعدًا آخر حين قال إن "هذا التطور الخطير يشير إلى أن واشنطن منحت الاحتلال مطلق الحرية لشن هجمات على أي هدف في الشرق الأوسط"، محذرًا من أن أنقرة، مثل بغداد، قد تكون محطة محتملة في حال توسعت إسرائيل في سياسة الاغتيالات الخارجية. هذا التحذير يضيف بُعدًا إقليميًا للمخاوف العراقية، ويعكس أن ما جرى في الدوحة لا يمكن عزله عن بيئة أمنية أوسع تشمل كل العواصم التي تحتضن قيادات فلسطينية.

التحذيرات البرلمانية ورؤى الخبراء، مدعومة بقراءة التميمي، تضع العراق أمام واقع لا يمكن تجاهله: احتمالية تعرضه لضربات إسرائيلية مشابهة لما جرى في الدوحة قائمة، بل مرجحة إذا بقيت منظومة الدفاع الجوي ضعيفة وثغرات أمن المعلومات قائمة. وبين إعادة بناء القدرات الدفاعية وتطوير أدوات الحماية الاستخبارية، يظل التحدي الأكبر هو الانتقال من التحذير إلى التنفيذ. فالخطر، كما أشار وتوت والجبوري والتميمي، لا يرتبط بمستقبل الحشد الشعبي أو القيادات وحدهم، بل بقدرة الدولة العراقية على حماية سيادتها ومنع تحويل أراضيها إلى ساحة مكشوفة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.







google-playkhamsatmostaqltradent